روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

الأربعاء، 15 يونيو 2022

ج1.الرد على الجهمية للإمام الحافظ ابن منده - 310- 395ﻫ

 

ج1.الرد على الجهمية للإمام الحافظ ابن منده - 310- 395ﻫ

 

(الحلقة الأولى)

 

تحقيق وتعليق الدكتور علي بن محمد بن ناصر الفقيهي

 

الأستاذ المساعد بكلية الدعوة وأصول الدين

 

 

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وبعد:

 

فإن لعلماء السلف دورا كبيرا في الرد على النزعات الفلسفية التي دخلت على الفكر الإسلامي من أعدائه، ذلك أن الجهم بن صفوان المتوفى سنة 128 مائة وثمان وعشرين مقتولا، أخذ مقالته في نفي صفات الله تعالى عن الجعد بن درهم، والجعد أخذ التعطيل عن أبان بن سمعان، وأخذ أبان عن طالوت، وأخذ طالوت عن خاله لبيد بن الأعصم اليهودي الساحر الذي سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه سلسلة سند المعطلة الذين أنكروا صفات الباري تبارك وتعالى.

 

لذلك فقد نشط علماء السلف في الرد على أهل التعطيل؛ إذ ليس إنكار الصفات إلا رأيا فلسفيا تسرب إلى صفوف المسلمين من أعدائه، وردود السلف في القرون الأولى يعتبر أول رد على هذه النزعات في تأريخ الإسلام الذي توسع فيه من جاء بعدهم إلى عصر شيخ الإسلام ابن تيمية.

 

وقد صنف السلف في ذلك مؤلفات كثيرة تبين فساد آراء ومعتقدات هؤلاء المعطلة الذين أعمتهم أنوار النصوص الشرعية من الكتاب والسنة، فأرادوا ردها، وحتى يقبل منهم ذلك تستروا في جُنّة ظلام التأويل، وهو في الحقيقة تحريف لتلك النصوص الصريحة عن مواضعها، غير أن الذي نشر من هذه المؤلفات في العقائد السلفية التي تعتمد على صريح القرآن وصحيح السنة قليل بالنسبة لما لم ينشر، وعقائد الإسلام لا يمكن أن تكون قائمة على سوقها مؤتية لثمارها إن لم تتناول ما كتبه علماء السلف من القرن الثالث والرابع ومن نهج نهجهم من بعدهم إلى عصرنا هذا.

 

وكتاب ابن مندة هذا (الرد على الجهمية) الذي نقدمه للقراء واحد من تلك السلسلة التي انتظمها كتاب الإمام أحمد بن حنبل في الرد على الجهمية والزنادقة، ومن سلك مسلكه كالبخاري والدارمي وغيرهما من علماء السلف.

 

نرجو الله تعالى أن ينفع به، وأن يوفق المسؤولين في جامعات المملكة نشر تراث سلفنا الصالح، وإخراج ما خلفه علماؤنا لخدمة العقيدة الإسلامية المعتمدة على صريح القرآن وصحيح السنة، إنه سميع مجيب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

 

 

الإمام ابن مندة: (310ﻫ- 395ﻫ).

 

هو الإمام الحافظ الجوال محدث الإسلام أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن مندة[1]، واسم مندة إبراهيم بن الوليد بن مندة بن بطة بن استندار بن جهار بخت، وقيل اسم استندار هذا فيرزان، وهو الذي أسلم حين فتح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبهان.

 

 

مولده:

 

ولد سنة عشر وثلاثمائة، أو إحدى عشرة وثلاثمائة.

 

وقد لقي ابن مندة منذ صغره عناية وتوجيها من أبيه؛ فقد بث في روحه التقى وحب السنة المطهرة؛ ولذا نجد في ترجمته أن أول سماعه كان في سنة ثماني عشرة وثلاثمائة، وعمره حينذاك بين السابعة والثامنة، وتوفي سنة خمس وتسعين وثلاثمائة.

 

 

أسرته:

 

وبيت بني مندة بيت علم ورواية وتمسك بالسنة وذب عنها، يقول الذهبي في ترجمة ابن مندة: وقد أفردت تأليفا بابن مندة وأقاربه، وما علمت بيتا في الرواة مثل بيت بني مندة؛ بقيت الرواية فيهم من خلافة المعتصم وإلى بعد الثلاثين وستمائة[2].

 

 

حياته العلمية:

 

والباحث في حياة الإمام الحافظ ابن مندة يجد فيها مثال العالم العامل الدؤوب الجاد في تحصيل العلم، والحريص على جمعه وتطبيقه في المسائل الدينية لا سيما ما يتعلق منها بالأمور الاعتقادية، فهو الحافظ المحدث الذي لم يبلغ أحد مبلغه في كثرة الشيوخ الذين سمع منهم وأخذ عنهم، وهو بعد ذلك المصنف في الحديث وعلومه، وفي التفسير والتاريخ، وفروع العقيدة؛ وذلك لعلمه أن مصدر العقيدة الإسلامية الصحيحة بعد كتاب الله تعالى السنة المطهرة، ولذلك نجد من مؤلفاته في العقيدة الكتب التالية:

 

كتاب الصفات، كتاب الرد على اللفظية، كتاب في النفس والروح.

 

وقد ذكر هذه الكتب الثلاثة الذهبي[3] ضمن مصنفات ابن مندة، وهي في حكم المفقود.

 

وكتاب التوحيد ومعرفة أسماء الله وصفاته على الاتفاق والتفرد[4]، وكتاب الإيمان على رسم الاتفاق والتفرد[5].

 

وكتاب الرد على الجهمية، وهو هذا الذي نحن بصدد تحقيقه ونشره.

 

وقد ضمن هذا الكتاب الرد على فرقة الجهمية، وعلى رأسها زعيمها الأول ومؤسس بدعتها جهم بن صفوان المتوفى سنة 128 مقتولا[6]، ذلك الذي تأثر بعناصر فلسفية في نفي الصفات، وبعناصر يهودية، وصابئة، وبوذية في ترمذ والكوفة وحران[7]، فطلع على الناس ببدعته في نفي الصفات، والقول بخلق القرآن والقول بالجبر؛ لأن الله عنده لا يمكن أن يتصف بصفة تكون مشتركة بينه وبين خلقه، فذلك في تصوره يقتضي التشبيه، إلا أنه أثبت أن الله قادر وفاعل؛ لأن العبد لا يوصف عنده بقدرة ولا فعل[8]؛ لأنه يقول بالجبر، ولما كان مذهبه هذا يؤدي إلى تعطيل الصفات، وإلى تعطيل التكليف، والشرع، وإبطال النبوات والرسالات - لأن الإنسان عنده، لا كسب له ولا اختيار وإنما هو ريشة في مهب الرياح - اشتد إنكار السلف عليه وبينوا بطلان مذهبه، ومن هؤلاء ابن مندة؛ فقد استعرض في هذا الكتاب عددا من الصفات التي أنكرها الجهمية، ورد على هؤلاء المنكرين لحقائق هذه الصفات، بما ورد في القرآن الكريم، وما ثبت في صحيح السنة، مما رواه الشيخان وغيرهما، ثم أتبعهما بأحاديث وآثار منها الحسن ومنها الضعيف، أوردها بأسانيدها وأشار إلى ضعف بعضها أو عدم ثبوته، والضعيف منها لا يعدو أن يكون إيراده متابعة أو استشهادا، إذ الاعتماد على ما جاء في كتاب الله الكريم والثابت من السنة الوارد في الصحيحين وغيرهما فقد صدر المصنف الأبواب التي ذكرها بالآيات القرآنية والأحاديث الثابتة.

 

ثم أورد بعد ذلك آثارا من أقوال الصحابة والتابعين ليبين بها أن مذهب سلف هذه الأمة في آيات الصفات وأحاديثها إثبات معانيها لله عز جل من غير تكييف ولا تمثيل ولا تشبيه ولا تعطيل، بل على أساس قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، كما قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله تعالى لمن سأله عن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} كيف استوى؟ فقال له: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة، ثم قال: ولا أراك إلا مبتدعا وأمر بإخراجه.

 

وحين ظهرت بدعة الجهم واعتنقها كثير من الناس؛ لجهلهم بالكتاب والسنة هب علماء السنة للرد على هذه البدعة، ولبيان مذهب الحق في ذلك؛ أداء للأمانة ووفاء للعهد الذي أخذه الله على العلماء في بيان الحق وعدم كتمانه.

 

وقد ذكر الذهبي في كتابه (العلو للعلي الغفار) عددا من الأئمة الذين أنكروا على الجهمية آراءهم المنحرفة، وما الجهمية إلا آراء واعتقادات يعتنقها كثير من الناس حتى الآن، وهم لا يعرفون، والبعض منهم يتجاهلون تجاهل العارف أنها آراء الجهمية التي حذر منها العلماء، فالمعتقد لما جاء به الجهم جهمي وإن تسمى باسم آخر؛ إذ الأسماء لا تغير الحقائق، ولذا فإن نشر كتب السلف هذه من واجب الأمة ليستضيء بها الشباب المسلم، فهي من أمور الساعة، فحصوننا مهددة من داخلها- كما قال محمد محمد حسين - في السلوك والاعتقاد، ذلك أن بعض الدعاة المعاصرين يقولون: إن الجهمية وفرقا أخرى كالمعتزلة وغيرها قد انقرضت فلا حاجة إلى البحث فيها، فنشر مثل هذه الكتب لا حاجة إليه؛ لأنها تبحث في أمور لا يوجد من يعتنقها ويؤمن بها، وحتى نثبت ما أشرنا إليه من أن آراء الجهمية منتشرة بين أبناء الأمة الإسلامية، وأن الشباب في حاجة إلى بيان ذلك، ليعرف قيمة كتب السلف التي تبنى عليها العقيدة الصحيحة، فسنذكر بعضا مما أنكره الجهمية من صفات الله تعالى، فنقول:

 

 

من الصفات التي أنكرها الجهمية:

 

1- كون الله عز وجل في السماء، وأنه مستو على عرشه كما قال تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} (الملك آية 16) وقوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (طه آية 5).

 

1- تأويل صفة النزول.

 

2- القول بأن القرآن مخلوق.

 

3- إنكار رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة.

 

وغير ذلك من الصفات الثابتة في الكتاب، وفي السنة الصحيحة، كصفة الرحمة، والرضى، والغضب، والقدم، والضحك وغيرها، يقول الذهبي في كتابه (العلو للعلي الغفار في صحيح الأخبار وسقيمها) بعد أن أورد الآيات، ثم الأحاديث وبين الصحيح من الضعيف منها، قال: "ذكر ما قاله الأئمة عند ظهور الجهم ومقالته"[9].

 

فذكر ما نقل عن أبي حنيفة، وابن جريج، والأوزاعي، ومقاتل بن حيان عالم خراسان، وسفيان الثوري، ومالك إمام دار الهجرة حيث قال عنه:

 

قال إسحاق بن عيسى الطباع قال مالك: كلما جاءنا رجل أجدل من رجل تركنا ما نزل به جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم لجدله، قال: وساق البيهقي بإسناد صحيح عن أبي الربيع الرشديني عن ابن وهب: كنت عند مالك فدخل رجل فقال: يا أبا عبد الله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (طه آية 5)، كيف استوى؟ فأطرق مالك وأخذته الرحضاء، ثم رفع رأسه فقال: الرحمن على العرش استوى كما وصف نفسه، ولا يقال كيف، وكيف عنه مرفوع، وأنت صاحب بدعة؛ أخرجوه.

 

قال الذهبي: "هذا ثابت عن مالك، وتقدم نحوه عن ربيعة شيخ مالك، وهو قول أهل الستة قاطبة إن كيفية الاستواء لا نعقلها بل نجهلها، وأن استواءه معلوم كما أخبر في كتابه، وأنه كما يليق به، لا نتعمق ولا نتحذلق، ولا نخوض في لوازم ذلك نفيا ولا إثباتا، بل نسكت ونقف كما وقف السلف، ونعلم أنه لو كان له تأويل لبادر إلى بيانه الصحابة والتابعون، ولما وسعهم إقراراه وإمراره والسكوت عنه، ونعلم يقينا مع ذلك أن الله جل جلاله لا مثل له في صفاته، ولا في استوائه ولا في نزوله سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا"[10].

 

ثم أورد بعد ذلك قول الليث بن سعد عالم مصر، وسلام بن أبي مطيع، وحماد بن سلمة، وعبد العزيز بن الماجشون مفتي المدينة وعالمها.

 

وقد ذكر عنه ما يأتي: قال: أنكر الجهمية قوله تعالى {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}، وقد قال المسلمون لنبيهم صلى الله عليه وسلم: هل نرى ربنا يا رسول الله؟ فقال: "هل تضارون في رؤية الشمس.." الحديث، إلى أن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تملأ النار حتى يضع الجبار فيها قدمه فتقول قط قط ويزوي بعضها إلى بعض"، وقال لثابت بن قيس: "لقد ضحك الله مما فعلت بضيفك البارحة"، قال: وذكر فصلا طويلا في المعنى[11].

 

ثم تابع ذكر أقوال العلماء في هذا الباب فذكر قول حماد بن زيد البصري الحافظ أحد الأعلام، وابن أبي ليلى، وسلام مقرئ البصرة، وشريك القاضي، ومحمد بن إسحاق ومسعر بن كدام أحد الأئمة [12].

 

ثم قال: طبقة أخرى تالية لمن مضى.

 

فذكر جرير الضبي محدث الري، وعبد الله بن المبارك شيخ الإسلام، ونقل عنه فقال: صح عن علي بن الحسن بن شقيق، قال: قلت لعبد الله بن المبارك كيف نعرف ربنا عز وجل؟ قال: في السماء السابعة على عرشه ولا نقول كما تقول الجهمية إنه هاهنا في الأرض[13].

 

ثم ذكر أقوال عدد من العلماء إلى أن قال:

 

طبقة الشافعي وأحمد رضي الله عنهما: روى شيخ الإسلام أبو الحسن الهكاري، والحافظ أبو محمد المقدسي بإسنادهما إلى أبي ثور وأبي شعيب كلاهما عن الإمام محمد بن إدريس الشافعي ناصر الحديث رحمه الله تعالى قال: القول في السنة التي أنا عليها ورأيت عليها الذين رأيتهم مثل سفيان ومالك وغيرهما، إقرار بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأن الله على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف شاء، وينزل إلى السماء كيف شاء، وذكر سائر الاعتقاد[14].

 

وكذلك استمر في ذكر أقوال العلماء إلى أن ذكر أبا الحسن الأشعري فقال: قال الإمام أبو الحسن علي بن إسماعيل بن أبي بشر الأشعري البصري المتكلم في كتابه الذي سماه (اختلاف المصلين ومقالات الإسلاميين)، فذكر فرق الخوارج والروافض والجهمية وغيرهم إلى أن قال: (ذكر مقالة أهل السنة وأصحاب الحديث جملة) فقال: قولهم الإقرار بالله وملائكته ورسله وبما جاء عن الله، وما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يردون من ذلك شيئا، وأن الله على عرشه كما قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وأن له يدين بلا كيف، كما قال: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ}، ويصدقون الأحاديث التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ينزل إلى السماء الدنيا فيقول: هل من مستغفر؟"، ويقرون أن الله يجيء يوم القيامة كما قال: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً}.

 

ثم قال: وقال الأشعري في كتاب (الإبانة عن أصول الديانة) في باب الاستواء: فإن قال قائل ما تقولون في الاستواء؟ قيل نقول: إن الله مستو على عرشه كما قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، وقال: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} وقال: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ}.

 

ثم قال - أي الذهبي- : و كتاب (الإبانة) من أشهر تصانيف أبي الحسن، شهّره الحافظ ابن عساكر واعتمد عليه، ونسخه بخطه الإمام محيي الدين النواوي، ونقل الإمام ابن فورك المقالة المذكورة عن أصحاب الحديث عن أبي الحسن الأشعري في كتاب (المقالات والخلاف) بين الأشعري وبين أبي محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب البصري، تأليف ابن فورك، فقال: الفصل الأول في ذكر ما حكى أبو الحسن رضي الله عنه في كتاب المقالات من جمل مذاهب أصحاب الحديث، وما أبان في آخره أنه يقول بجميع ذلك، ثم سرد ابن فورك المقالة بهيئتها، ثم قال في آخره: فهذا تحقيق لك من ألفاظه أنه معتقد لهذه الأصول التي هي قواعد أصحاب الحديث وأساس توحيدهم[15].

 

ثم قال في ص 162: قال الحافظ الحجة أبو القاسم بن عساكر في كتاب (تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الأشعري): فإذا كان أبو الحسن رحمه الله كما ذكرنا عنه من حسن الاعتقاد، مستصوب المذهب عند أهل المعرفة والانتقاد، يوافقه في أكثر ما يذهب إليه أكابر العباد.. إلى أن قال: فاسمع ما ذكره في كتاب الإبانة، فإنه قال: الحمد لله.. إلى أن قال: وجملة قولنا أن نقر بالله وملائكته.. وأن الله مستو على عرشه كما قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، وأن له وجها كما قال: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ}، وأن له يدين كما قال: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}[16].

 

ثم قال الذهبي: فلو انتهى أصحابنا المتكلمون إلى مقالة أبي الحسن هذه ولزموها لأحسنوا، ولكنهم خاضوا كخوض حكماء الأوائل في الأشياء، ومشوا خلف المنطق؛ فلا قوة إلا بالله![17].

 

وبعد هذا العرض لأقوال بعض الأئمة نرى أن الصفات التي ردوا فيها على الجهمية هي: صفة الاستواء على العرش، وصفة النزول، وصفة الكلام، ورؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة.

 

فهل المحرفون لهذه الصفات باسم التأويل انقرضوا؟.

 

الجواب: لا، هم موجودون ويدعون العالم والشباب المسلم لاعتقادها؛ فما عقيدة أبي منصور الماتوريدي في هذه الصفات التي يدعو لها ويدعي بعض الكتاب أن الأمة سلمت، بل أجمعت على عقيدة أبي منصور الماتوريدي، وأبي الحسن الأشعري - ولا يقصد بعقيدة أبي الحسن الأشعري التي سبق بيانها في الإبانة والمقالات كما نقلها ابن عساكر في تبيين كذب المفتري، وعنه الذهبي في العلو للعلي الغفار - وإنما يريد عقيدة الأشاعرة التي ذكرها صاحب جوهرة التوحيد في قوله:

 

وكل نص أوهم التشبيهـا

أوله أو فوض ورم تنزيهـا

 

قال الشارح البيجوري - بعد أن بين أن المقصود بالنص في قوله: (وكل نص) هو الدليل من الكتاب أو السنة -: إن التفويض بعد التأويل الإجمالي وهو صرف اللفظ عن ظاهره، ثم ذكر بعض النصوص التي توهم التشبيه فقال: فمما يوهم الجهة - أي جهة العلو لله -، قوله تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ}، قال: فالسلف يقولون فوقية لا نعلمها، والخلف يقولون: المراد بالفوقية التعالي في العظمة.

 

قال: ومنه قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}؛ فالسلف يقولون: استواء لا نعلمه[18]، والخلف يقولون: المراد به الاستيلاء والملك، كما قال الشاعر:

 

قد استوى بشر على العراق

من غير سيف ودم مهراق[19]

 

ويقول الآمدي في غاية المرام في علم الكلام ص 200 - محاولا نفي الجهة عن الله تعالى، وهي جهة العلو، ورادا للنصوص القرآنية الواردة في ذلك، - قال: ولعل الخصم قد يتمسك هاهنا بظاهر من الكتاب والسنة، وأقوال بعض الأئمة، وهي بأسرها ظنية ولا يسوغ استعمالها في المسائل القطعية؛ فلهذا آثرنا الإعراض عنها ولم نشغل الزمان بإيرادها.اﻫ

 

 

القرآن كلام الله:

 

قالت الجهمية والمعتزلة: إنه مخلوق، ورد عليهم السلف، وضرب الإمام أحمد بن حنبل على ذلك بين يدي المعتصم.

 

لكن ماذا قال الأشاعرة الذين يدعو لمذهبهم من سبقت الإشارة إليه، يقول صاحب جوهرة التوحيد ص 54:

 

نزّه القرآن أيْ كلامه

عن الحدوث واحذر انتقامه

 

يقول الشارح البيجوري - بعد أن ردّ على المعتزلة في قولهم إن القرآن مخلوق، - قال: ومذهب أهل السنة - يعني الأشاعرة - أن القرآن بمعنى الكلام النفسي ليس بمخلوق، وأما القرآن بمعنى اللفظ الذي نقرأه فهو مخلوق، لكن يمتنع أن يقال القرآن مخلوق ويراد به اللفظ الذي نقرؤه إلا في مقام التعليم؛ لأنه ربما أوهم أن القرآن بمعنى كلامه تعالى مخلوق، أي الكلام النفسي.

 

 

صفة النزول:

 

أولوها بأن المقصود إقباله تعالى على أهل الأرض بالرحمة، أو أن الله يأمر ملائكة بالنزول إلى السماء الدنيا بهذا النداء والدعاء[20].

 

 

رؤية المؤمنين ربهم في الآخرة:

 

أنكرها المعتزلة ردا للنصوص النبوية، وتأويلا للآيات القرآنية، ونفيا للجهة - أي جهة العلو – ومعلوم أن الشيعة والزيدية معتزلة، وأثبتها الأشاعرة مع نفي الجهة.

 

كما قال صاحب الجوهرة:

 

ويستحيل ضد ذي الصفات

في حقه كالكون في الجهات

 

قال الشارح: أي الجهات الست الفوق.. الخ، ولا يستطيع أن يفسر هذه الرؤية إلا الأشاعرة؛ إذ لا توجد ذات ترى، ولا تكون في جهة من الرائي، والحمد لله الهادي إلى التمسك بما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

 

ثم تأويل جميع الصفات الثابتة في كتاب الله تعالى، وفي صحيح سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، كصفة الرضى، والرحمة، والغضب، واليدين، والضحك، وغيرها؛ اعتمادا على قول صاحب الجوهرة السابق، وهو تأويل كل نص أوهم تشبيها في عقولهم، ذلك أنهم لم يعرفوا من صفات الخالق جل جلاله، إلا ما شاهدوه في المخلوق الضعيف المسكين الذي كان معدوما ثم وجد؛ فتوهموا أنهم إن أثبتوا صفة لله، والمخلوق يتصف بها فقد شبهوا، فجرهم هذا التنزيه المتوهم إلى التعطيل؛ لأن كل لفظ يأتي وهو مشترك في الاسم لا في الحقيقة، فلابد من تأويله، أي صرف اللفظ عن ظاهره.

 

وقد أحسن الأستاذ الزنداني في المثل الذي ذكره في محاضرته التي ألقاها في الجامعة الإسلامية، حينما تعرض لهؤلاء المؤولين لصفات الباري عز وجل فقال: إن هؤلاء لم يروا إلا رأس الديك؟

 

يقول في شرح هذا المثل: يقال إن رجلا أعمى ردّ بصره عليه لحظة فرأى رأس ديك، ثم عاد أعمى كما كان، فكان إذا قيل له: إن فلانا بنى قصرا عظيما، قال: كيف هو من رأس الديك، وإذا قيل له: وصلت اليوم الميناء سفينة ضخمة، قال: كيف هي من رأس الديك، وهكذا كلما ذكر له شيء قال: كيف هو من رأس الديك؛ لأنه لم يشاهد غيره ويريد أن يقيس كل شيء على الذي شاهده.

 

وهكذا هؤلاء المؤولون لصفات الله تعالى، لم يشاهدوا إلا هذا المخلوق الضعيف الفاني المتصف بهذه الصفات الفانية بفنائه؛ فتوهموا أنهم إن أثبتوا لله هذه الصفات التي ذكرها في كتابه، وهو أعلم بنفسه من خلقه أو أثبتها له رسوله، وهو أعلم الخلق وأتقاهم وأخشاهم لله تعالى، فقد شبهوه بخلقه، والله تعالى أجل وأعظم من كل ما شاهدته الأبصار أو توهّمته العقول؛ {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}.

 

واقرأ قول الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى في ذلك، يقول في الفقه الأكبر: وله يد ووجه ونفس، كما ذكر الله تعالى في القرآن، فما ذكره الله تعالى في القرآن من ذكر الوجه واليد والنفس فهو له صفات بلا كيف ولا يقال إن يده قدرته أو نعمته؛ لأن فيه إبطال الصفة وهو قول أهل القدر والاعتزال، ولكن يده صفته بلا كيف وغضبه ورضاه صفتان من صفاته تعالى بلا كيف[21].

 

أما الذين ألفوا في الرد على الجهمية فمنهم إمام أهل السنة وقامع البدعة الإمام أحمد بن حنبل، وقد ذكر في كتابه (الرد على الزنادقة والجهمية)[22] أن كثيرا من أصحاب أبي حنيفة وأصحاب عمرو بن عبيد[23] بالبصرة تأثروا بمذهب الجهم بن صفوان؛ يقول رحمه الله - بعد أن ذكر مناظرة الجهم للسُّمنية.. -: "ووجد ثلاث آيات من المتشابه، قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (الشورى/11) {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ} (الأنعام /3) {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ} (الأنعام/103)، فبنى أصل كلامه على هذه الآيات وتأول القرآن على غير تأويله، وكذب بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزعم أن من وصف الله بشيء مما وصف به نفسه في كتابه أو حدث عنه رسوله كان كافرا، وكان من المشبهة، فأضل بكلامه بشرا كثيرا، وتبعه على قوله رجال من أصحاب أبي حنيفة وأصحاب عمرو بن عبيد بالبصرة، ووضع دين الجهمية، فإذا سألهم الناس عن قول الله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} يقولون: ليس كمثله شيء من الأشياء وهو تحت الأرضين السبع، كما هو على العرش، ولا يخلو منه مكان، ولا يكون في مكان دون مكان، ولم يتكلم، ولا يتكلم، ولا ينظر إليه أحد في الدنيا ولا في الآخرة، ولا يوصف، ولا يعرف بصفة، ولا يفعل[24]..الخ..

 

قلت: وهذا يوضح لنا أن كثيرا من المتكلمين أخذوا بآراء الجهم بن صفوان؛ فكان هذا الكتاب ردا عليهم جميعا.

 

ولقول الجهم هذا الذي أحدث تصدعا في صفوف المسلمين وفرّق كلمتهم وجعلهم فرقا وأحزابا، هبّ علماء السلف في الرد عليه وبيان فساد آرائه.

 

 

فممن رد عليه وفند أقواله وبين زيفها:

 

-  الإمام أحمد بن حنبل (245) إمام أهل السنة وقامع البدعة بما جاء في كتابه الرد على الجهمية والزنادقة، وهو ما سبقت الإشارة إليه.

 

-   ثم جاء البخاري محمد بن إسماعيل؛ ردّ على الجهمية القائلين بخلق القرآن بكتابه خلق أفعال العباد؛ فقد رد فيه على الجهمية التي تشمل المعتزلة والجهمية الأولى.

 

-  وابن قتيبة عبد الله بن مسلم بن قتيبة (376)؛ فقد رد على الجهمية بكتابه (الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة)، كما بين المذهب الحق في أحاديث الصفات حيث قال: وعَدْل القول في هذه الأخبار أن نؤمن بما صحّ منها بنقل الثقات لها؛ فنؤمن بالرؤية والتجلي، وأنه يعجب وينزل إلى السماء، وأنه على العرش استوى، وبالنفس واليدين من غير أن نقول في ذلك بكيفية أو بحد أو أن نقيس على ما جاء ما لم يأت، فنرجو أن نكون في ذلك القول والعقد على سبيل النجاة غدا إن شاء الله[25].

 

-  والإمام أبو سعيد الدارمي المتوفى سنة 280ﻫ، فقد ألف كتابا في الرد على الجهمية، وهو من أقوى ما كتب في الرد على الجهمية أسلوبا ومنهجا، وأمتنها حجة مستندا إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومثله كتابه في الرد على بشر المريسي وهو بشر بن غياث بن أبي كريمة أبو عبد الرحمن المريسي وقد سماه جهميا، وغير هؤلاء من علماء السلف[26].

 

 

نسبة الكتاب إلى ابن مندة:

 

جاء على ظهر الكتاب ما يأتي:

 

(الرد على الجهمية تأليف أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن مندة الحافظ).

 

وقال فؤاد سزكين في تاريخ التراث ص 529: رفان كوشك رقم 510/ 5 من ورقة 55- 66، 1084ﻫ.

 

وذكر السيوطي في الدر المنثور 3/ 142 أحاديث في تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} الآية عن ابن عباس وأبي بن كعب، وعبد الله بن عمر؛ فقال: وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مندة في كتاب الرد على الجهمية وأبو الشيخ عن ابن عباس في الآية..الخامس، وهو الحديث رقم 231.

 

وقال: وأخرج عبد بن حميد وعبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد المسند وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مندة في كتاب الرد على الجهمية.. عن أبي كعب في قوله: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} وهو الحديث رقم 30.

 

ثم قال: وأخرج ابن جرير وابن مندة في كتاب الرد على الجهمية عن عبد الله بن عمر، ص 29 كما ذكر في الجزء 6/244، 245 في تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} عددا من النصوص منسوبة إلى ابن مندة في كتابه الرد على الجهمية أشرنا إلى ذلك في هامش كل صفحة ورد فيها النص.

 

هذه النصوص التي ذكرها السيوطي نقلا عن كتاب الرد على الجهمية لابن مندة وهي مطابقة لما في الكتاب بما لا يدع مجالا للشك أن هذا هو كتاب الرد على الجهمية لابن مندة.

 

 

وصف المخطوطة:

 

تقع في عشر ورقات، وتحوي الصفحة واحدا وثلاثين سطرا.

 

وكتبت في عام أربعة وثمانين بعد الألف ضمن مجموعة من العقائد في مكتبة ريفان كوشك تحت رقم 510/ 5 (ص ورقة 55- 66، 1084ﻫ).

 

أما منهج المصنف في الكتاب فقد سلك فيه مسلك المحدثين من حيث إيراد النصوص بأسانيدها، وقد اشتمل على اثنين وتسعين حديثا وأثرا.

 

 

عملي في الكتاب:

 

1-     ترجمت للمؤلف ترجمة مختصرة، كما أشرت إلى مصادر ترجمته في الحاشية.

 

2-     حققت النص، وذلك بمقابلته بالنصوص مكان ورودها.

 

3-     خرجت الآيات القرآنية.

 

4-     خرجت الأحاديث والآثار الواردة في الكتاب، وقد عزوتها إلى مصادرها مشيرا إلى الجزء والصفحة.

 

5-     شرحت الألفاظ الغريبة.

 

6-     ذكرت في المقدمة موضوع الكتاب، ومنهج السلف في الرد على الجهمية ومن سلك مسلكهم؛ ولذلك فقد اكتفيت بالتعليق على الباب الأول من أبواب الكتاب لبيان منهج السلف في ذلك حتى لا نثقل الكتاب بالتعليقات، ولأن القول في صفة كالقول في جميع الصفات.

 

7-     وضعنا فهرسا للموضوعات وآخر للمراجع.

 

 

الرموز المستعملة في التخريج:

 

خ- البخاري.

م- مسلم.

 

حم - مسند الإمام أحمد.

 

جه – ابن ماجه.

 

ن - النسائي.

 

وما عدا ذلك أصرح باسم الكتاب.

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

أخبرنا الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن يحيى بن مندة[27]، قال: قول الله جل وعز: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}[28]، وما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، واختلاف الصحابة في معنى تأويله.

 

1- حدثنا محمد بن يعقوب بن يوسف الأصم بنيسابور، ثنا محمد بن عبد الوهاب بن حبيب النيسابوري البصري، ثنا جعفر بن عون، هشام بن سعد، ح وثنا إبراهيم بن محمد الديبلي بمكة، ثنا إبراهيم بن عيسى الشيباني البصري، ثنا سويد بن سعيد، ثنا جعفر بن ميسرة الصنعاني، جميعا عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري.

 

أنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل نرى ربنا عز وجل يوم القيامة؟ قال: "هل تضامون[29] في رؤية القمر ليلة البدر صحوا ليس فيها سحاب"؟ قالوا: لا. قال: "فإنكم لا تضامون في رؤية أحدهما[30]؛ فإذا كان يوم القيامة نودي ليتبع كل أمة ما كانت تعبد؛ فلا يبقى أحد كان يعبد شيئا إلا تبعه حتى لا يبقى إلا المؤمنون، فيأتيهم الله عز وجل فيقول: أنا ربكم، فيقولون نعوذ بالله منك لا نشرك بالله شيئا، فيقول: هل بينكم وبينه آية، فيقولون: نعم، يكشف عن ساق فلا يبقى أحد ممن كان يعبد الله عز وجل إلا خر له ساجدا"[31]. وذكر الحديث

 

2- أخبرنا أحمد بن الحسن بن عتبة الرازي بمصر، ثنا روح بن الفرح، ح/ وثنا عبد الله بن جعفر الوردي بمصر، ثنا يحيى بن أيوب المصري، ثنا[32] يحيى بن بكير، ثنا الليث بن سعد عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن هلال، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيه: "ويكشف عن ساقيه جل وعز".

 

قال أبو عبد الله[33]: وهذا حديث ثابت باتفاق من البخاري[34] ومسلم بن الحجاج[35]، وقد رواه آدم بن أبي إياس عن الليث بن سعد، عن خالد، عن سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم مثله وقال: "يكشف عن ساقه جل وعز".

 

وقد اختلف الصحابة في معنى قوله جل وعز: {يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}.

 

3- أخبرنا علي بن العباس بن الأشعث الغزي بغزة، ثنا محمد بن حم الطهراني، ثنا عبد الرزاق، أنبا الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الزعراء، عن ابن مسعود في قوله جل وعز: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}[36] قال: عن ساقيه.

 

قال أبو عبد الله: هكذا في قراءة ابن مسعود.

 

ويكشف بفتح الياء وكسر الشين[37].

 

4- وأخبرنا علي بن العباس، ثنا محمد بن حماد، ثنا عبد لرزاق، أنبا ابن التيمي[38]، عن أبيه[39]، عن مغيرة[40]، عن إبراهيم6 في قوله جل وعز: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} قال ابن عباس: يكشف عن أمر عظيم، ثم قال: قد قامت الحرب على ساق[41]، قال إبراهيم: وقال ابن مسعود: يكشف عن ساقه فيسجد كل مؤمن، ويقسو كل كافر فيكون عظما واحدا.

 

5- (ثنا) عمر بن الربيع بن سليمان بمصر، ثنا بكر بن سهل، ثنا عبد الغني بن سعيد، ثنا موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، وعن مقاتل، عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} قال: شدة الآخرة[42].

 

6- وأخبرنا محمد بن أيوب بن حبيب الرقي، ثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم، ثنا محمد بن يوسف الفريابي، ثنا ورقاء، عن ابن جريج، عن مجاهد، في قوله جل وعز: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}[43] قال: عن شدة الأمر. قال ابن عباس: أشد ساعة تكون يوم القيامة[44].

 

7- أخبرنا علي بن العباس، ثنا محمد بن حماد، أنبا عبد الرزاق، أنبا معمر، عن قتادة في قوله جل وعز: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} قال: عن شدة الأمر[45].

 

قال أبو عبد الله: اختلفت الروايات عن عبد الله بن عباس في قوله جل وعز: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}؛ فروى أسامة بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} بالياء وضمها، قال يعقوب الحضرمي عن ابن عباس: إنه قرأ {يَوْمَ يُكْشَفُ} عن ساق بالتاء مفتوحة[46].

 

قال أبو حاتم: من قرأ بالتاء، أي تكشف الآخرة عن ساق، يستبين منها ما هو غائب عنه، ومن قرأ يكشف، يبين عن شدة، وهي قراءة الأئمة السبعة، وكذلك قرأ طلحة بن مصرف، والأعمش، قال أبو عبد الله ابن مسعود: يوم يكشف عن ساق بفتح الياء وكسر الشين[47]، قال أبو حاتم السختياني: وقرأ الأخفش: نكشف عن ساق، بالنون على معنى قراءة عبد الله.

 

8- أخبرنا علي بن أحمد بن الأزرق بمصر، ثنا أحمد بن محمد بن مروان.. ثنا أحمد بن محمد بن أبي عبد الله البغدادي، ثنا يحيى بن حماد، ثنا أبو عوانة عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}[48] قال: "يكشف الله عز وجل عن ساقه"[49].

 

 

 

باب في قول الله عز وجل:

 

{يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}[50]، وذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله جل وعز يضع رجله في النار فتقول قَط قط".

 

1-     (9) - أخبرنا محمد بن الحسين بن الحسن القطان بنيسابور، ثنا أحمد بن يوسف السلمي، ثنا عبد الرزاق، ثنا معمر، عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تحاجت الجنة والنار، فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين، وقالت الجنة: فإني لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم، فقال جل وعز للنار: إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي، وقال للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي، ولكل واحدة منكما علي ملؤها، فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع الله فيها رجله فتقول قط قط، فهنالك تمتلئ ويزوي بعضها إلى بعض، ولا يظلم الله عز وجل من خلقه أحدا، وأما الجنة فإن الله جل وعز ينشئ لها خلقا"[51].

 

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعا، فلما خلقه قال: اذهب فسلم على أولئك النفر، وهم نفر من الملائكة جلوس؛ فاستمع ما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال: فذهب إليهم فقال: السلام عليكم، فقالوا: عليك السلام ورحمة الله، (قال: فزادوه ورحمة الله)؛[52] فكل من يدخل الجنة على صورة آدم طوله ستون ذراعا؛ فلا يزال الخلق ينقص بعده حتى الآن"[53].

 

قال أبو عبد الله: وهذا حديث ثابت باتفاق من أهل المعرفة بالأثر.

 

2- (10) - أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الوراق، ثنا عبد الله بن يحيى، ثنا المقدمي، ثنا أشعث بن عبد الله الخراساني، ثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يلقى في النار وتقول هل من مزيد حتى يضع رجله أو قدمه فتقول: قَط قط".

 

ورواه القواريري عن حرمي عن عمارة عن شعبة عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يضع الله رجله في النار فتقول: قَط قط"[54].

 

قال أبو عبد الله: وهذا حديث ثابت باتفاق.

 

 

ذكر خبر آخر يدل على ما تقدم:

 

3- (11) - أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا إبراهيم بن أبي الليث، ثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنشد قول أمية بن أبي الصلت:

 

رجل وثور تحت رجل يمينه

والنسر للأخرى وليث مرصد

 

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صدق صدق"، وقال:

 

والشمس تطلع كل آخر ليلة

حمراء يصبح لونها يتورد

 

تأتي فما تطلع لنا في رسلها

إلا معذبة وإلا تجلد

 

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صدق".

 

قال أبو عبد الله: هذا حديث مشهور عن محمد بن إسحاق، رواه عبدة بن سليمان[55] ويونس بن بكير وغيرهما.

 

4- (12) - أخبرنا أحمد بن سليمان بن حذلم، ثنا أبو زرعة، ثنا يوسف بن بهلول[56]، ثنا عبدة بن سليمان، عن محمد بن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صدّق أمية بن أبي الصلت في شعره حيث قال:

 

رجل وثور تحت رجل يمينه

والنسر للأخرى وليث مرصد

 

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "صدق". ثم ذكر الحديث.

 

5- (13) - أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الله البجلي، ثنا يزيد بن محمد بن عبد الصمد، ثنا أبو النضر إسحاق بن إبراهيم، ثنا يزيد بن ربيعة، ثنا أبو الأشعث الصنعاني، سمعت ثوبان يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه يقبل الجبار عز وجل فيثني رجله على الجسر فيقول: وعزتي وجلالي لا يجاوزني اليوم ظلم فينصف الخلق بعضهم من بعض، حتى إنه لينصف الجماء من العضباء تنطحها النطحة"[57].

 

6- (14) - أخبرنا أحمد بن سليما بن حذلم، ثنا أبو زرعة، ثنا أبو صالح، ثنا معاوية بن صالح، عن راشد بن سعد: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل يطوي المظالم يوم الجمعة؛ فيجعله تحت قدمه، إلا ما كان من أجر الأجير، وعقر البهيمة وفض الختم؛ يعني الأبكار"[58].

 

 

خبر آخر يدل على ما تقدم من ذكر القدمين:

 

7- (15) - أخبرنا خيثمة بن سليمان، ثنا إسحاق بن سيار النصيبي، ثنا أبو حاتم، ح/ وثنا إبراهيم بن محمد بن عمارة، ثنا أحمد بن يحيى الصوفي، ثنا شجاع بن مخلد، ثنا أبو عاصم عن سفيان، عن عمار الدهني عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال شجاع في حديثه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله جل وعز: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} قال: "كرسيه موضع القدمين، والعرش لا يقادر قدره"[59].

 

قال أبو عبد الله: هكذا رواه شجاع بن مخلد في التفسير مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال إسحاق بن سيار في حديثه عن أبي عاصم، من قول ابن عباس[60]، وكذلك رواه أصحاب الثوري عنه، وكذلك روى عن عمار الدهني موقوفا، ورواه أبو بكر الهذلي وغيره عن سعيد بن جبير من قوله، قال: الكرسي موضع القدمين، ورواه جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: الكرسي علمه[61]، ولم يتابع عليه جعفر، وليس هو بالقوي في سعيد بن جبير.

 

8- (16) - أخبرنا بذلك أحمد بن محمد بن إبراهيم مولى بني هاشم، ثنا محمد بن عبد الوهاب عن ابن أبي تمام، ثنا آدم بن أبي إياس، ثنا هشيم عن مطرف، عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله جل وعز: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} قال: علمه[62].

 

قال أبو عبد الله: وهذا حديث مشهور عن مطرف عن جعفر بن أبي المغيرة لم يتابع عليه، وروي عن أبي موسى الأشعري، أن الكرسي موضع القدمين.

 

9- (17) – أخبرنا بذلك أحمد بن إبراهيم البغدادي بمكة، ثنا محمد بن يزيد، ثنا علي بن مسلم، ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا محمد بن جحادة، عن سلمة بن كهيل، عن عمارة بن عمير، عن أبي موسى قال: الكرسي موضع القدمين، وله أطيط كأطيط الرحل[63].

 

قال أبو عبد الله: وروى نهشل عن الضحاك عن ابن عباس {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ} قال: علمه، وهذا خبر لا يثبت؛ لأن الضحاك لم يسمع من ابن عباس، نهشل متروك.

 

ومما يدل على صحة قول ابن عباس، وأبي موسى في الكرسي ما ذكره الربيع بن أنس عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: هذا الكرسي وسع السموات والأرض، كيف بالعرش؛ فأنزل الله عز وجل: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}[64].

 

 

 

باب في قول الله عز وجل:

 

{وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً}[65].

 

1- (18) أخبرنا محمد بن محمد، ثنا أبو أحمد الزبيري، ثنا مسعر بن كدام، ح/ وأخبرنا علي بن العباس الغزي، ثنا محمد بن حماد، ثنا عبد الرزاق، أنبا الثوري؛ جميعا عن الأعمش، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: إنما سمي الإنسان إنسانا لأنه عهد إليه فنسي[66].

 

وقال أبو عبد الله: هكذا رواه الثوري، ومسعر عن الأعمش، ورواه أسباط بن محمد وعبدة بن سليمان، وغيرهما عن الأعمش، عن أبي الضحى[67]، عن ابن عباس مثله.

 

2- (19) وأخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن هاشم الأذرعي، ثنا هارون بن كامل، ثنا عبد الله بن صالح، ثنا معاوية بن صالح، ثنا علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قال: عهد إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما، يقول: لم نجد له عزما[68].

 

3- (20) أخبرنا خيثمة بن سليمان، ثنا محمد بن سعد العوفي، ثنا أبي، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس في قوله: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً}[69]، يقول: لم نجد له حفظا[70].

 

4- (21) أخبرنا عمر بن الربيع بن سليمان بمصر، ثنا بكر بن سهل، ثنا عبد الغني بن سعيد، ثنا موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن عطاء، عن عطاء، عن ابن عباس، ومقاتل عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله عز وجل: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً}[71] يريد صبرا عن أكل الشجرة.

 

قال أبو عبد الله: وكذلك قاله قتادة[72] والسدي، وقال الحسن وعبيدة بن عمير: لم يكن آدم من أولي العزم.

 

5- (22) أخبرنا أبو عمر بن ممل أحمد بن محمد بن إبراهيم بن حكيم المديني، ثنا محمد بن عبد الوهاب بن أبي تمام العسقلاني، ثنا آدم بن أبي إياس، ثنا فرج بن فضالة، عن لقمان بن عامر، عن أبي أمامة الباهلي قال: ولو أن أحلام بني آدم كلهم جُمعت فحطت في كفة، وحلم آدم في كفة لرجح (حلم) آدم بأحلامهم، يقول الله عز وجل: {وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً}[73].

 

قال أبو عبد الله: ومما يشهد لهذا المعنى ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وثبت عنه بأسانيد صحاح وهو:

 

6- (22) ما أخبرنا به أبو عامر بن ممل أحمد بن محمد بن إبراهيم بن حكيم مولى بني هاشم، ثنا محمد بن إبراهيم بن مسلم أبو أمية، ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، ثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما خلق آدم مسح على ظهره فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصا من نور، ثم عرضهم على آدم فقال: أي رب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك، فرأى رجلا منهم فأعجبه وبيص ما بين عينيه، فقال: أي رب من هذا؟ فقال: رجل آخر الأمم من ذريتك يقال له داود، قال: أي رب كم جعلت عمره؟ قال: ستين سنة، قال: أي رب زده من عمري أربعين سنة، فلما انقضى عمر آدم جاء ملك الموت، فقال آدم: أولم يبق من عمري أربعون سنة؟ قال: أولم تعطها ابنك داود؟ قال: فجحد وجحدت ذريته، ونسي فنسيت ذريته، وخطئ فخطئت ذريته"[74].

 

قال أبو عبد الله: هذا حديث صحيح من حديث هشام بن سعد عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رواه خلاد وغيره، وروى هذا الحديث صفوان عن عيسى، عن الحارث بن أبي ذباب، عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، وهو صحيح أيضا، ورواه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، فقال: عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة.

 

7- (24) أخبرنا بذلك خيثمة بن سليمان، ثنا عباس بن الوليد بن مزيد البيروتي، ثنا محمد بن شعيب بن سابور، ثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه أنه حدثه عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله جل وعز لما خلق آدم مسح ظهره فجرت من ظهره كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة، ونزع ضلعا من أضلاعه فخلق منه حوى، ثم أخذ عليهم العهد والميثاق" {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}[75]. قال: "ثم أقبس كل نسمة رجل من بني آدم بنوره في وجهه، وجعل البلوى الذي كتب أنه يبتليه بها في الدنيا من الأسقام، ثم عرضهم على آدم، فقال: يا آدم هؤلاء ذريتك فإذا فيهم الأجذم والأبرص والأعمى، وأنواع الأسقام، فقال آدم: لم فعلت هذا بذريتي؟ قال: كي يشكروا نعمتي يا آدم، فقال عليه الصلاة والسلام: يا رب من هؤلاء من أراهم أظهر الناس نورا؟ قال: هؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يا آدم من ذريتك، قال: فمن هذا الذي أراه أظهرهم نورا؟ قال: هذا داود يكون في آخر الأمم. قال: يا رب كم جعلت عمره؟ قال: ستين سنة، قال: يا رب كم جعلت عمري؟ قال: كذا وكذا، قال: يا رب فزده من عمري أربعين سنة حتى يكون عمره مائة سنة، قال: أتفعل يا آدم؟ قال: نعم يا رب. قال: نكتب ونختم، إنا إن كتبنا وختمنا لم نغير. قال: فافعل أي رب". قال رسول الله صلى عليه وسلم: "فلما جاء ملك الموت إلى آدم ليقبض روحه قال: ماذا تريد يا ملك الموت؟ قال: أريد أن أقبض روحك. قال: ألم يبق من أجلي أربعون سنة؟ قال: ألم تعطها ابنك داود؟ قال: لا". قال: فكان أبو هريرة يقول: فنسي آدم فنسيت ذريته وجحد آدم فجحدت ذريته[76].

 

قال محمد بن شعيب: وأخبرني أبو الحفص عثمان بن أبي العاتكة[77] أن عمر آدم كان ألف سنة.

 

8- (25) أخبرنا أحمد بن إبراهيم البغدادي بمكة، ثنا محمد بن يزيد الطبري، ثنا محمد بن أبي حماد الرازي، ثنا ابن سليم، عن عمارة، عن أبي محمد رجل من أهل المدينة، قال: سألت عمر بن الخطاب عن قوله: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ}[78] قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال: "خلق الله جل وعز آدم بيده، ونفخ فيه من روحه، ثم أجلسه فمسح ظهره بيده اليمين فأخرج ذرا فقال: ذر وذراتهم للجنة، ثم مسح ظهره بيده اليسرى وكلتا يديه يمين، فقال: ذر وذراتهم للنار؛ يعملون فيم شئت من عمل وأختم لهم بأسوأ أعمالهم فأدخلهم النار"[79].

 

قال أبو عبد الله: أبو محمد المدني الذي روى هذا الحديث عن عمر يقال إنه مسلم بن يسار[80]، وقيل نعيم بن ربيعة[81]، رواه مالك بن أنس في الموطأ[82] عن زيد بن أبي أنيسة عن عبد الحميد بن عبد الرحمن عن مسلم بن يسار، عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بعض الحديث، ورواه أبو عبد الرحيم الرقي عن زيد بن أبي أنيسة، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن، عن مسلم بن يسار، عن نعيم بن ربيعة عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.

 

 

باب في قوله جل وعز:

 

{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}[83]، وذكر ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، وما جاء عن الصحابة رضي الله عنهم في معنى صفة خلقهم، وإقرارهم، وإشهادهم على أنفسهم.

 

1- (26) أخبرنا أحمد بن سليمان بن حذلم الدمشقي، ثنا جعفر بن محمد القلانسي، ثنا أبو سلمة يزيد بن خالد بن مرشد، ثنا سليمان بن حيان[84]، عن ابن أبي ذباب المديني[85]، أخبرني سعيد المقبري، ويزيد بن هرمز عن أبي هريرة، ومحمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وداود بن أبي هند عن الشعبي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خلق الله آدم بيده ونفخ فيه من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا له؛ فعطس فقال: الحمد لله، فقال له ربه: يرحمك ربك، ائت أولئك الملأ من الملائكة فقل: السلام عليكم، فأتاهم فسلم عليهم فقالوا: وعليك السلام ورحمة الله، ثم رجع إلى ربه فقال: هذه تحيتك وتحية ذريتك بينهم، ثم قبض يديه وأخذ يديه - وكلنا يديه يمين -ففتحها فإذا فيها صورة ذريته كلهم، وإذا كل رجل مكتوب عنده أجله، قال: وإذا قد كتب له ألف سنة، وإذا قوم عليهم النور، قال: يا رب من هؤلاء الذين عليهم النور؟ قال: هؤلاء الأنبياء أو الرسل الذين أرسلوا إلى عبادي أو خلقي، قال: وإذا فيهم رجل هو أضوأهم نورا ولم يكتب له إلا أربعين سنة[86]، قال: يا رب ما بال هذا هو من أضوءهم نورا ولم يكتب له إلا أربعين سنة، قال: ذلك ما كتبت، قال: يا رب زده من عمري ستين سنة". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فلما أسكنه الله الجنة، وأهبط إلى الأرض كما ذكره الله في القرآن فأتاه الموت، فقال: عجلت علي، فقال: ما فعلت, قال: بقي من عمري ستون سنة! قال: ما بقي من عمرك شيء، سألت ربك أن يكتبه لابنك داود، قال: ما فعلت". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فنسي فنسيت ذريته فجحد فجحدت ذريته، فمن يومئذ وضع الكتاب وأمر بالشهود[87]، فلقيه موسى فقال: أنت آدم خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة أن يسجدوا لك، وأسكنك الجنة فأخرجتنا[88] من الجنة بذنبك، فقال له آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله جل وعز برسالته، وآتاك التوراة فيها بينات كل شيء؛ فبكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن يخلقني؟ قال: بأربعين عاما، قال: وجدت فيها فعصى آدم ربه فغوى، قال: نعم، قال: فتلومني على عمل كتبه الله علي من قبل أن أخلق بأربعين عاما". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فحج آدم[89] موسى"[90].

 

قال أبو عبد الله: روى هذا الحديث أحمد بن عبد العزيز الواسطي، ومخلد بن مالك؛ جميعا عن أبي خالد الأحمر[91] بهذا الإسناد، ورواه آدم بن أبي إياس عن أبي خالد الأحمر على هذا الإقرار بين هذه الأسانيد.

 

2- (27) أخبرنا أحمد بن مهران الفارسي، ثنا عبيد الله بن سعيد بن عفير، ثنا أبي، ح/ وأنبا إسحاق بن إبراهيم، بن هاشم الأذرعي، ثنا يحيى بن أيوب المصري، ثنا يحيى بن بكير؛ جميعا عن مالك بن أنس عن زيد بن أبي أنيسة، أن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أخبره أن مسلم بن يسار أخبره أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سئل عن هذه الآية {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا}[92]، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عنها فقال: "إن الله عز وجل خلق آدم ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذريته فقال: خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون، ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذريته فقال: خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون"، فقال رجل: يا رسول الله ففيم العمل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله جل وعز إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل أهل الجنة فيدخله به الجنة، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل أهل النار فيدخله به النار"[93].

 

3- (28) أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى بن مندة، وعبد الله بن إبراهيم بن المقري، قالا ثنا أبو مسعود الرازي، أنبا مسلم بن إبراهيم، ثنا روح بن المسيب، عن يزيد البصري، عن غنيم بن قيس، عن أبي موسى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما خلق الله آدم قبض من صلبه قبضتين فوقع كل طيب بيمينه، وكل خبيث بيده الأخرى، فقال: هؤلاء أصحاب اليمين أهل الجنة، وهؤلاء أصحاب الشمال أهل النار ولا أبالي، ثم ردّهم في صلب آدم، فعلى ذلك ينسلون".

 

4- (29) أخبرنا أحمد بن محمد يبن إبراهيم مولى بني هاشم، ثنا أبو أمية الطوسي، ثنا حسين بن محمد المروزي، ثنا جرير بن حازم عن كلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أخذ الله الميثاق من ظهر آدم عليه السلام بنعمان، يعني عرفة؛ فأخرج من صلبه كل ذرية ذراها، فنثرهم بين يديه كالذر، ثم كلمهم قبلا وقال": {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} "إلى قوله": {بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ}[94].

 

قال أبو عبد الله: وهذا حديث تفرد به حسين المروزي، عن جرير بن حازم، وهو أحد الثقات، ورواه حماد بن زيد، وعبد الوارث، وابن علية، وربيعة بن كلثوم؛ كلهم عن كلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس موقوفا[95]، وكذلك رواه حبيب بن أبي ثابت، وعلي بن بذيمة، وعطاء بن السائب[96] كلهم عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مثله، وزاد عطاء في حديثه قال: "أهبط الله عز وجل آدم (بدخنا)[97] ومسح ظهره"[98].

 

قال أبو عبد الله: وقد اختلف أهل التأويل في قوله جل وعز: {شَهِدْنَا}.

 

فقالت طائفة: هو خبر من الله عز وجل عن نفسه وملائكته إذا أقروا بربوبيته حين قال لهم: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}، فقال الله وملائكته: شهدنا بإقراركم.

 

ذكر من قال ذلك:

 

5- (30) أخبرنا محمد بن يعقوب بن يوسف النيسابوري، والحسن بن يوسف الطرائفي بمصر، قالا: ثنا إبراهيم بن مرزوق، ثنا روح بن أسلم، ثنا معتمر بن سليمان، قال: سمعت أبي يحدث عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن (أبي)[99] بن كعب في قوله جل وعز {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِين أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ}[100]، قال: جمعهم جميعا: فجعلهم أرواحا ثم صورهم واستنطقهم ليتكلموا وأخذ عليهم العهد والميثاق {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}.. الآية. فإني أشهد عليكم السموات السبع وأشهد عليكم أباكم آدم عليه السلام أن تقولوا يوم القيامة: لم نعلم بهذا؛ اعلموا أنه لا إله غيري (ولا رب غيري)[101] ؛ فلا تشركوا بي شيئا، وإني سأرسل إليكم رسلا يذكرونكم عهدي وميثاقي، وأنزل عليكم كتبي، قالوا: نشهد إنك ربنا لا رب لنا غيرك.. ولا إله لنا غيرك، فأقروا يومئذ بالطاعة[102].

 

وقال آخرون: قوله جل وعز: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُم} يعني أن الرسل أجابوا من بينهم، قاله وهب بن منبه، وعبد الملك بن أبي يزيد الصنعاني، وهذا مما يوافق قراءة من قرأ بالياء (أن يقولوا)، وهو قراءة أهل مكة والبصرة، وقراءة عامة أهل المدينة: (أن تقولوا) بالتاء على وجه الخطاب، كيلا يقولوا يوم القيامة كنا لا نعلم.

 

واختلف أهل التأويل في معنى الذرية، ومعرفتهم حين أخرجهم من صلب آدم وأخذ عليهم الميثاق الأول وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم، أجمعوا على أنهم كانوا في صور الذر.

 

ثم اختلفوا فقال بعضهم: أرواح بلا أجسام[103]، ومعرفة بلا عقول.

 

وقال بعضهم: أرواح بأجسام، ومعرفة بعقول.

 

وأولها أصحها في الرواية؛ أن الله أخذ عليهم الميثاق حين أخرجهم من صلب آدم كأنهم الذر من آذيّ من ماء.

 

6- (31) أخبرنا إبراهيم بن محمد الرملي، ثنا موسى بن هارون، ثنا أبو هلال، ثنا أبو حمزة، عن ابن عباس، {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} قال: أخذ الله ميثاق بني آدم من آذى الماء كأنهم الذر في آذيّ الماء[104].

 

 

ذكر من قال أخرجهم من صلبه نطفا ووجوه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كالسرج:

 

7- (22) أخبرنا محمد بن يحيى العجيقي بمكة، ثنا عبد الله بن علي النيسابوري، ثنا عبد الله بن سعيد، عن يحيى بن يمان[105]، عن أبي جعفر الرازي، عن أبي العالية عن أبيّ في قوله جل وعز: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} قال: استخرجهم من صلبه نطفا، ووجوه الأنبياء كالسرج[106]، وكذلك رواه النضر بن عربي[107] عن عكرمة قال: كلمته النطف وأقرت بالعبودية، وهذا لا يعرف إلا من هذا الوجه عن عكرمة ولا يثبت.

 

 

ذكر من قال أخرجهم صورا ثم استنطقهم:

 

8- (33) أخبرنا محمد بن يعقوب والحسن بن يوسف الطرائقي بمصر قالا: ثنا إبراهيم بن مرزوق ثنا روح بن مسلم، ثنا معتمر بن سليمان، (سمعت)[108] أبي يحدث عن الربيع بن أنس عن أبي العالية، عن أبيّ في قوله: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}[109] قال: جمعهم فجعلهم أرواحا ثم صورهم واستنطقهم، قال: فما كان روح عيسى في تلك الأرواح التي أخذ الله تعالى عليها العهد والميثاق، قال: نعم أرسل ذلك الروح إلى مريم، قال الله جل وعز: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً، قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً، قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيّاً} إلى قوله {أَمْراً مَقْضِيّاً}[110]، قال: حملت الذي خاطبها وهو روح عيسى عليه السلام، فقال: فسأله مقاتل بن حيان من أين دخل الروح؟ فذكر عن أبي العالية عن أبيّ أنه دخل من فيها[111].

 

 

ذكر من قال كانوا مثل الخردل:

 

قال أبو عبد الله: روى طلحة بن عمرو عن عطاء عن ابن عباس قال: أخذهم في كفه كأنهم الخردل الأولين والآخرين؛ فيميلهم في يده مرتين أو ثلاثا يرفع يده ويطأطئها ما شاء من ذلك، ثم ردهم في أصلاب آبائهم حتى أخرجهم قرنا بعد قرن.

 

 

ذكر من قال سماهم بأسمائهم:

 

9- (34) أخبرنا أحمد بن محمد بن أبان، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا ابن نمير عن الأعمش، عن حبيب، عن سعيد عن ابن عباس قال: أخرج الله ذرية آدم من ظهره مثل الذر؛ فسماهم فقال: هذا فلان وهذا فلان، ثم قبض قبضتين فقال للتي في يمينه: ادخلوا الجنة، وقال للتي في يده الأخرى: ادخلوا النار ولا أبالي[112].

 

 

ذكر من قال استخرجهم كما يستخرج المشط:

 

رواه عن مجاهد عن ابن عمر، وقال: استخرج الله من ظهر آدم عليه السلام كما يستخرج المشط[113].

 

 

ذكر من قال أقرت الأرواح قبل أن تخلق الأجساد:

 

رواه موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب القرظي، ولا يثبت.

 

 

ذكر من قال أقرت الأجساد بأرواح في صورهم التي خلقوا فيها على ما يخلقهم من البلاء:

 

رواه حوشب عن الحسن قوله.

 

والذي يدل على أن الله عزّ وجل استنطقهم فنطقوا عن أجساد وأرواح ومعرفة وأفهام، ما أخبرنا به.

 

10- (35) أحمد بن محمد الوراق، ثنا محمد بن إسماعيل عن حجاج بن محمد[114]، عن ابن جريج، عن الزبير بن موسى[115]، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إن (الله)[116] ضرب منكبه الأيمن فخرجت كل نفس مخلوقة للجنة بيضاء نقية، فقال: هؤلاء أهل الجنة، ثم ضرب منكبه الأيسر فخرجت كل نسمة مخلوقة للنار سوداء فقال: هؤلاء أهل النار، ثم أخذ عليهم (عهودهم) على الإيمان والمعرفة له ولأمره، والتصديق به وبأمره بني آدم كلهم؛ فأشهدهم على أنفسهم وصدقوا وعرفوا وأقروا.

 

وبلغني أنه أخرجهم على كفه أمثال الخردل.

 

قال مجاهد[117] عن ابن عباس قال: إن الله جل وعز لما أخرجهم قال: يا عبادي أجيبوا الله، والإجابة الطاعة؛ فقالوا: اللهم أطعناك لبيك اللهم لبيك، فأعطيها إبراهيم عليه السلام في المناسك: لبيك اللهم لبيك، قال: وضرب متن آدم عليه السلام حين خلقه.

 

قال ابن عباس: خلق آدم ثم أخرج ذريته من ظهره مثل الذر؛ فكلمهم ثم أعادهم في صلبه، فليس أحد إلا قد تكلم وقال: ربي الله، وكل مخلوق خلق وهو كائن إلى يوم القيامة، وهي الفطرة التي فطر الناس عليها[118].

 

قال ابن عباس وأبي بن كعب من رواية أخرى: استنطقهم فنطقوا.

 

11- (36) أخبرنا مسلم بن الفضل بمكة، ثنا محمد بن عثمان بن إبراهيم القيسي، ثنا أبو بلال الأشعري، ثنا أبو بشر، عن الحكم[119]، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إن الله جل وعز ضرب منكبه الأيمن - يعني آدم - فخرجت كل نفس مخلوقة للجنة بيضاء؛ فقال: هؤلاء للجنة، ثم ضرب منكبه الأيسر فخرجت كل نفس مخلوقة للنار سوداء؛ فقال: هؤلاء للنار، ثم أخذ عهودهم على الإيمان، والمعرفة والتصديق له كلهم وأشهدهم على أنفسهم فآمنوا وصدقوا وعرفوا وقروا[120].

 

قال أبو عبد الله: واختلفوا في معنى الإجابة لما أخذ عليهم الميثاق؛ فقال عامتهم: أجابوا كلهم طائعين غير مكرهين، رواه الربيع بن أنس عن أبي العالية، عن أبي قال: أقروا له يومئذ بالطاعة [121]. وكذلك غيره من التابعين.

 

قال أبو عبد الله: وقال غيره أجابوا على معنى الوحدانية أنه ربهم، لا يسأل كافر ولا غيره إلا قال: ربي الله[122].

 

12- (37) أخبرنا علي بن العباس بغزة، ثنا محمد بن حماد، ثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن محمد يعني ابن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عباس {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ}[123] قال: فمسح الله جل وعز صلب آدم عليه السلام فأخرج من صلبه ما يكون من ذريته إلى يوم القيامة، وأخذ ميثاقهم أنه ربهم؛ فأعطوه ذلك؛ فلا يسأل أحد كافر ولا غيره: من ربك، إلا قال: الله ربي.

 

وقال السدي: بل أعطاه طائفة طائعين، وطائفة مكرهين[124].

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

[1] مصادر ترجمة ابن مندة:

 

1- سير أعلام النبلاء 11/ ورقة 7- 10 خ / المجمع اللغوي بدمشق.

 

2- تذكرة الحفاظ للذهبي 3/ 1031 ط الثالثة سنة 1376ﻫ.

 

3- البداية والنهاية 11/ 336 ط الأولى سنة 1966م.

 

4- تاريخ دمشق لابن عساكر 15/ ورقة 32- 34 خ/ المجمع الغوي بدمشق.

 

5- طبقات الحنابلة لأبي يعلى 2/167  سنة 371ﻫ  السنة المحمدية.

 

6- المنتظم لابن الجوزي 7/ 232- 233.

 

وقد استوفينا ترجمته في تحقيقنا لكتاب الإيمان الذي طبع بمطابع الجامعة الإسلامية.

 

[2] خلافة المعتصم سنة 248 البداية والنهاية 11/ 2.

 

[3] سير أعلام النبلاء 11/ 8/ 2.

 

[4] الظاهرية : توحيد 36 ( 147 ) ورقة قبل 527ﻫ فؤاد سزكين تاريخ التراث ص 529.

 

[5] طبع بمطابع الجامعة الإسلامية بتحقيقنا.

 

[6] البداية والنهاية 10/ 27- 29.

 

[7] انظر فتوى الحموية الكبرى لابن تيمية ص 98 مع نفائس بتحقيق محمد حامد الفقي الطبعة الثالثة سنة 1374ﻫ.

 

[8] مقدمة عقائد السلف ص 18 بتحقيق علي سامي النشار.

 

[9] العلو للذهبي ص 101.

 

[10] العلو للذهبي ص103- 104.

 

[11] العلو للذهبي ص 106.

 

[12] العلو للذهبي  ص 109.

 

[13] العلو للذهبي  ص 110.

 

[14] العلو للذهبي  ص 120.

 

[15] العلو للذهبي  ص 161.

 

[16] انظر تبيين كذب المفتري  لابن عساكر 152- 163 طبعة سنة 1399ﻫ دار الكتاب العربي بيروت.

 

[17] العلو للذهبي  ص 163.

 

[18] السلف يقولون: الاستواء علوم، والكيف مجهول ، وتقدم قول الإمام مالك.

 

[19] تحفة المريد على جوهرة التوحيد ص 13- 54 المطبعة الخيرية شهر رمضان سنة 1310ﻫ.

 

[20] مشكل الآثار لابن فورك ص 75- 82 طبعة دائرة المعارف العثمانية سنة 1391ﻫ.

 

[21] الفقه الأكبر للإمام أبي حنيفة رحمه الله ص 167- 168 طبعة دار الكتاب العربي بيروت سنة 1399ﻫ.

 

[22] وقد شكك زاهد الكوثري في نسبته إلى الإمام أحمد في تعليقه على كتاب ابن قتيبة ( الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية) مكتبة القدسي القاهرة 1349ﻫ ص 55 بدعوى أن نسبته إليه إنما كانت تعزى إليه في القرن الرابع الهجري عن طريق رواية مجهولة، يقول الدكتور علي سامي النشار -  وأتى بعلل قادحة – حسب تصوره -  للمتن والسند، ولا ندري ما هي هذه العلل القادحة التي صرح بأنه ذكرها في موضع آخر، ولم نجد لها ذكرا في تعليقاته التي نعلمها. انظر مقدمة عقائد السلف ص 13 للدكتور علي سامي النشار.

 

وقد أثبت صحة نسبة الكتاب للإمام أحمد حيث قال: إن الخلال رواه عن طريق ابن أحمد بن حنبل وهو عبد الله، وقد نص الخلال على هذا الكتاب في كتابة السنة، وأورده بجملته لأنه قد جمع في هذا الكتاب نصوص الإمام أحمد وكلامه، ثم ذكر أن ممن أثبته أيضا البيهقي في كتابه الذي سماه (جامع النصوص) وابن القيم في كتابه (اجتماع الجيوش الإسلامية) ص 78، 82، وقال: ولم يسمع عن أحد من متقدمي أصحابه ولا متأخريهم طعن فيه، وذكره أيضا القاضي أبو الحسين بن القاضي بن يعلى، كما ذكره صاحب المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد. انظر مقدمة العقائد المشار إليها من ص 13- 15.

 

[23] عمرو بن عبيد بن البصري المعتزلي التميمي مولاهم أبو عثمان البصري، من أبناء فارس شيخ القدرية والمعتزلة، قال الإمام أحمد بن حنبل: ليس بأهل أن يحدث عنه، وقال علي بن المديني ويحيى بن معين ليس بشيء ، وزاد ابن معين: وكان رجل سوء وكان من الدهرية الذين يقولون إنما الناس مثل الزرع، وقال الفلاس: متروك صاحب بدعة، وقد ذكر ابن كثير الأقوال فيه، وأن ما نسب إليه من زهد كان يغر الناس به، وأن الزهد لا يدل على الصلاح وضرب أمثلة لذلك. البداية والنهاية 10/ 78- 80.

 

[24] الرد على الجهمية للإمام أحمد بن جنبل ص 67، تحقيق علي سامي النشار، وص 104 تحقيق الدكتور عبد الرحمن عميرة. طبعة دار اللواء الرياض.

 

[25] الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة لابن قتيبة ص 243 تحقيق علي سامي النشار.

 

[26] انظر ص 359 -  مجموع عقائد السلف : تحقيق علي سامي النشار.

 

[27] هو المصنف تقدم التعريف به.

 

[28] القلم: آية 42.

 

[29] لا تضامون) يروى بالتشديد والتخفيف، فالتشديد معناه: لا ينضم بعضكم إلى بعض وتزدحمون وقت النظر إليه. ومعنى التخفيف : لا ينالكم ضيم في رؤيته، فيراه بعضكم دون بعض، والضيم : الظلم. النهاية 3/ 101 ط الأولى عام 1383ﻫ - 1963م.

 

[30] في مسلم 1/ 167 ح 302 قال: (ما تضارون في رؤية الله تبارك وتعالى يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما).

 

[31] م/ في كتاب الإيمان باب معرفة طريق الرؤية 1/ 167 ح 302 من طريق سويد بن سعيد قال: حدثني حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم به.

 

[32] في الأصل (وثنا).

 

[33] أبو عبد الله هو المصنف ، تقدم التعريف به.

 

[34] خ / في التوحيد / باب {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة}، فتح الباري 13/ 420 ح 7439 من طريق يحيى بن بكير.

 

[35] م/ في الإيمان تقدم ح رقم 1.

 

[36] سورة القلم آية 42.

 

[37] وذكر السيوطي في الدر المنثور 6/ 254 أن الحديث أخرجه عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مندة عن ابن مسعود، قال ابن مندة: لعله في قراءة ابن مسعود يكشف بفتح الياء وكسر الشين.

 

[38] هو معتمر بن سليمان بن طرخان التيمي أبو محمد البصري، ثقة. انظر تهذيب التهذيب 4/ 227.

 

[39] مغيرة بن مقسم، بكسر الميم الضبي مولاهم أبو هشام الكوفي الأعمى، ثقة متقن، إلا أنه كان يدلس ولا سيما عن إبراهيم ، من السادسة مات سنة ست وثلاثين. ع /. تقريب التهذيب 2/ 270. قلت: وهنا روى عن إبراهيم ، وهو النخعي، ولم يصرح بالسماع، وإنما عنعن.

 

[40] هو سليمان بن طرخان التيمي أبو المعتمر البصري. ثقة. تهذيب التهذيب 4/ 202.

 

[41] أخرجه ابن جرير في التفسير ج 29/ 38، من طريق ابن حميد ثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم به.

 

[42] أخرجه ابن جرير في التفسير ج 29/ 39، وذكر السيوطي في الدر المنثور 6/ 255 أن ابن مندة أخرجه.

 

[43] سورة القلم آية 42.

 

[44] ابن جرير الطبري ، التفسير ج 29/ 39.

 

[45] ابن جرير الطبري ، التفسير ج 29/ 39.

 

[46] ابن جرير الطبري، التفسير ج 29/ 42، من طريق عكرمة ثم قال: وذكر ابن عباس أنه كان يقرأ ذلك: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} بمعنى تكشف القيامة عن شدة شديدة، والعرب تقول: كشف هذا الأمر عن ساق، إذا صار إلى شدة ومنه قول الشاعر:

 

كشفت لهم عن ساقها         ويدا من الشر الصراح

 

وذكر السيوطي في الدر المنثور 6/ 255 أن الحديث أخرجه سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن مندة من طريق عمرو بن دينار.

 

[47] في الدر المنثور 6/ 254 قال ابن مندة: لعله في قراءة ابن مسعود: يكشف بفتح الياء وكسر الشين.

 

[48] القلم آية 42.

 

[49] ذكره السيوطي في الدر المنثور 6/ 254 قال: أخرجه ابن مندة في الرد على الجهمية عن أبي هريرة، وأصل الحديث في الصحيحين كما تقدم ح رقم 2. وإنما الغرض من ذكره  عن السيوطي هو إثبات نسبة الكتاب لابن مندة؛ لأن السيوطي اطلع على هذا الكتاب ونقل منه نصوصا سنشير إليها في مواضعها لهذا الغرض.

 

[50] سورة ق آية 20.

 

التعليق: مذهب سلف هذه الأمة في آيات الصفات وأحاديثها إثبات معانيها لله عز وجل على مراد الله؛ لأنه أعلم بنفسه من خلقه، وكذلك ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما وصف به ربه عز وجل؛ فهو أعلم الخلق بما يليق بجلال الله، كل ذلك على ما يليق بجلاله وكماله من غير تكييف ولا تشبيه ولا تمثيل وبلا تعطيل، بل على أساس قوله تعالى : {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، وهذا هو منهج السلف في إثبات آيات الصفات وأحاديثها، وقد أتبع ابن مندة الآيات والأحاديث التي أوردها تحت أبواب هذا الكتاب بأقوال الصحابة والتابعين؛ ليبين أن ذلك هو منهجهم في إثبات صفات الله تعالى، وأن الخير كل الخير في اتباع سلف هذه الأمة لا سيما أهل القرون المفضلة، والله الهادي إلى سواء السبيل.

 

[51] خ / التفسير / باب {وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} فتح الباري 8/ 595 ح 4850 من طريق عبد الله بن محمد ثنا عبد الرزاق به.

 

و م / الجنة / باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء 4/ 2186 ح 36 من طريق محمد بن رافع ثنا عبد الرزاق به.

 

وحم /2/ 214 من طريق عبد الرزاق به.

 

[52] ما بين القوسين من البخاري ومسلم.

 

[53] خ / الأنبياء / باب خلق آدم وذريته / فتح الباري 6/ 362 ح 3326 من طريق عبد الله بن محمد ثنا عبد الرزاق به، وفي الاستئذان / باب بدء السلام، فتح الباري 11/ 3 ح 6227 من طريق يحيى بن جعفر ثنا عبد الرزاق به.

 

م/ في الجنة / باب يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير 4/ 2183 ح 28 من طريق محمد بن رافع ثنا عبد الرزاق به.

 

[54] خ / التفسير / باب {وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} فتح الباري 8/ 594 ح 4848 من طريق عبد الله بن أبي الأسود ثنا حرمي بن عمارة به.

 

وفي الأيمان والنذور/ باب الحلف بعزة الله فتح الباري 11/ 545 ح 6661 من طريق آدم ثنا شيبان ثنا قتادة به.

 

م / الجنة / باب النار يدخلها الجبارون 4/ 2187 ح 37 من طريق عبد بن حميد ثنا يونس بن محمد ثنا شيبان عن قتادة به.

 

[55] أخرجه حم / 1/ 256 من طريق عبد الله بن محمد قال ثنا عبدة بن سليمان به ، وهو الحديث التالي.

 

[56] يوسف بن بهلول التميمي الأنباري بفتح الهمزة وسكون النون بعدها موحدة، نزيل الكوفة، ثقة من العاشرة، مات سنة ثماني عشرة، خ تقريب 2/ 279- 280.

 

[57] لم أعثر على من خرجه ، وتقدم الحديث رقم 10 المتفق عليه يغني عنه.

 

[58] مشكل الآثار لابن فورك ص 97، وراشد بن سعد هو المقرائي، لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم. انظر تهذيب التهذيب 3/ 226.

 

[59] الدارقطني / في الصفات ورقة 3/ ب.خ.

 

[60] ابن جرير الطبري التفسير 3/ 10.

 

[61] ابن جرير الطبري التفسير 3/ 11.

 

[62] تقدم قول المصنف إن جعفر بن أبي المغيرة ليس بالقوي في سعيد بن جبير ولم يتابع.

 

[63] ابن جرير الطبري التفسير 3/10 من طريق علي بن مسلم بن سعيد الطوسي، وإسناده حسن.

 

[64] ابن جرير الطبري. التفسير 3/10.

 

[65] طه آية / 115

 

[66] ابن جرير. التفسير 16/ 221

 

[67] أبو الضحى: هو مسلم بن صبيح بالتصغير الهمذاني الكوفي العطار، مشهور بكنيته، ثقة فاضل، من الرابعة، مات سنة مائة. ع  تقريب 2/ 245.

 

[68] ابن جرير، التفسير 16/ 221 ، وفيه : لم نجد له عزما.

 

[69] طه آية / 115.

 

[70] ابن جرير. التفسير 16/ 221.

 

[71] طه آية / 115.

 

[72] ابن جرير ، التفسير 16/ 221.

 

[73] ابن جرير ، التفسير 16/ 221- 222.

 

[74] أخرجه ت / في تفسير سورة الأعراف تحفة الأحوذي 8/ 457 ح 5072 وقال: هذا حديث حسن صحيح.

 

المستدرك في التفسير ج 2/ 325 من طريق علي بن حمشاذ العدل، ثنا بشر بن موسى الأسدي، وعلي بن عبد العزيز قالا: ثنا أبو نعيم ثنا هشام بن سعد به وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ورمز له الذهبي بـ(م)، ولم أجد هذا اللفظ في مسلم في كتاب القدر

 

حم / 1/ 251، 299، 371 من حديث ابن عباس.

 

[75] الأعراف آية / 172.

 

[76] فيه متابعة عطاء بن يسار لأبي صالح عن أبي هريرة..

 

[77] عثمان بن أبي العاتكة سليمان الأزدي أبو حفص ضعفوه في روايته عن علي بن يزيد الألهاني. تقريب 2/ 10.

 

[78] الأعراف آية / 172.

 

[79] يأتي تخريجه ح رقم 27.

 

[80] يأتي في تخريج الحديث رقم 27 ما أشار إليه المصنف، ومسلم بن يسار الجهني قال ابن حجر فيه مقبول. من الثالثة. تقريب 2/ 248.

 

[81] نعيم بن ربيعة الأزدي ، مقبول. من الثالثة. تقريب 2/ 305.

 

[82] في كتاب القدر ، ويأتي ح رقم 27.

 

[83] سورة الأعراف آية / 172.

 

[84] سليمان بن حيان الأزدي، أبو خالد الأحمد الكوفي، صدوق يخطئ. ع تقريب 1/ 323.

 

[85] ابن أبي ذباب بضم المعجمة وبموحدتين، هو الحارث بن عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد الدوسي، صدوق يهم، من الخامسة، مات سنة ست وأربعين. عخ م مد س ق. تقريب 1/ 142، تهذيب 2/ 147- 148.

 

[86] تقدم في الحديث رقم 24: أن عمره ستون سنة، وكذلك في رواية المستدرك والترمذي 2/ 325.

 

[87] توحيد ابن خزيمة  ص 67- 68.

 

[88] في الأصل : ورقة 4/ ب فأخرجتك.

 

[89] آخر الحديث وهو محاجة آدم وموسى  أخرجه م / في القدر / باب محاجة آدم وموسى عليهما السلام 4/ 2042- 3024 من حديث أبي هريرة. وتقدم ح رقم 23 نحوه.

 

[90] يقول ابن تيمية معلقا على الحديث في كتابه الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ص 115 - في معرض رده على المحتجين بالقدر -: وهذا الحديث ضلت فيه طائفتان:

 

طائفة كذبت به لما ظنوا أنه يقتضي رفع الذم والعقاب عمن عصى الله لأجل القدر.

 

وطائفة شر من هؤلاء جعلوه حجة لأهل الحقيقة الذين شهدوه أو الذين لا يرون أن لهم فعلا.

 

ومن الناس من قال: إنما حج آدم موسى لأنه أبوه، أو لأنه قد تاب، أو لأن الذنب كان في شريعة واللوم في أخرى، أو لأن هذا يكون في الدنيا دون الأخرى، وكل هذا باطل.

 

ثم قال: ولكن وجه الحديث أن موسى عليه السلام لم يلم أباه إلا لأجل المصيبة التي لحقتهم من أجل أكله من الشجرة؛ فقال له: لماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة؟ لم يلمه لمجرد كونه أذنب ذنبا وتاب منه، فإن موسى يعلم أن التائب من الذنب لا يلام وهو قد تاب منه أيضا، ولو كان آدم يعتقد رفع الملام عنه لأجل القدر لم يقل: {قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}، والمؤمن مأمور عند المصائب أن يصبر ويسلم، وعند الذنوب أن يستغفر ويتوب، قال الله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} فأمره بالصبر على المصائب والاستغفار من المعايب.اﻫ

 

وذكر في ص 114 أنه لا يحتج أحد بالقدر إلا إذا كان متبعا لهواه بغير هدى من الله، ومن رأى القدر حجة لأهل الذنوب يرفع عنهم الذنب والعقاب فعليه أن لا يذم أحدا ولا يعاقبه إذا اعتدى عليه، بل يستوي عنده ما يوجب اللذة وما يوجب الألم؛ فلا يفرق بين من يفعل معه خيرا وبين من يفعل معه شرا، وهذا ممتنع طبعا وعقلا وشرعا.اﻫ

 

كما ذكر ابن القيم في كتابه شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل - الباب الثالث في ذكر احتجاج آدم وموسى.. ص 13- 19 - هذا الحديث وقال: إنه قد رد هذا الحديث من لم يفهمه من المعتزلة كأبي علي الجبائي ومن وافقه على ذلك، وقال: لو صح لبطلت نبوات الأنبياء؛ فإن القدر إذا كان حجة للعاصي بطل الأمر والنهي، ثم أورد الأقوال في ذلك، ورجح ما ذكره ابن تيمية في شرح الحديث، كما اعتذر لشيخ الإسلام أبي إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري فقد جاء في كلامه ما يوهم أنه يقول بقول من يدعي الحقيقة والمعرفة؛ إذ قالوا: العارف إذا شاهد الحكم سقط عنه اللوم.

 

وهذا قول الصوفية الذين يدعون كشف الحجاب عما في اللوح المحفوظ، حيث قال: وقد أعاذه الله منه، ثم ذكر كلامه الذي يوهم ذلك، وبين وجه اعتذاره له من ص 15- 19.

 

[91] أبو خالد الأحمد هو سليمان بن حيان الأزدي تقدمت ترجمته.

 

[92] الأعراف آية / 172.

 

[93] الموطأ / كتاب القدر/ باب النهي عن القول بالقدر ص 560 ح 2. طبعة الشعب

 

د/ السنة/ / بال القدر 5 / 79 ح 4703.

 

حم / 1/ 44.

 

ابن جرير في التفسير 9/ 113.

 

ت / في التفسير  8 / 452 ح 5071 وقال هذا حديث حسن، ومسلم بن يسار لم يسمع من عمر.

 

وقد ذكر بعضهم في هذا الإسناد بين مسلم بن يسار وبين عمر رجلا.

 

الحاكم في المستدرك / التفسير 2 / 324- 325، وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.

 

البيهقي في الأسماء والصفات ص 325.

 

[94] حم / 1/ 272 من طريق حسين بن محمد به.

 

ابن جرير الطبري. التفسير 9 / 110.

 

البيهقي في الأسماء والصفات ص 327.

 

[95] ابن جرير الطبري. التفسير 9 / 111.

 

[96] عطاء بن السائب ن أبو محمد. صدوق ، اختلط . تقريب 2/ 22. التقييد والإيضاح ص 442.

 

[97] كذا في الأصل (بدخنا)  ورقة 4/ ب، بالخاء المعجمة والنون، وفي تفسير ابن جرير ج 9/ 111 ( بدجني) بالجيم والنون. قال المعلق: لعل المقصود بهذه الكلمة، هضبة الدكن من بلاد الهند.

 

[98] ابن جرير. التفسير 9 / 111.

 

[99] ( أبي ) ساقط في الأصل.

 

[100] الأعراف آية / 272.

 

[101] ما بين القوسين من ابن جرير.

 

[102] ابن جرير الطبري ، التفسير 9/ 115.

 

والحاكم في المستدرك، التفسير 2/ 323- 324. قال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.

 

[103] قاله محمد بن كعب القرظي. انظر تفسير ابن جرير الطبري 9 / 117.

 

كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/ 141.

 

[104] ابن جرير الطبري. التفسير 9/ 112. وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/ 141 وقال: وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مندة في كتاب الرد على الجهمية وأبو الشيخ عن ابن عباس في الآية.. الحديث.

 

قوله: آذيّ الماء: الآذي: بالمد والتشديد: الموج الشديد ويجمع على أواذي.. النهاية 1/ 34.

 

[105] يحيى بن يمان العجلي الكوفي. صدوق عابد، يخطئ كثيرا، وقد تغير. تقريب 2/ 361.

 

[106] ذكره ابن كثير في التفسير 3/ 469 من طريق أبي جعفر الرازي... عن أبي بن كعب به.

 

[107] النضر بن عربي الباهلي مولاهم، أبو روح ويقال: أبو عمر الحراني لا بأس به. من السادسة مات سنة ثمان وستين./ د ت. تقريب 2/ 2 ، 3 ، وقد أشار المصنف أن هذا الأثر لا يثبت.

 

[108] ساقط في الأصل والسياق يدل عليه.

 

[109] الأعراف آية / 172.

 

[110] مريم آية / من 17- 21.

 

[111] الحاكم في المستدرك ، التفسير 2/ 324 ، وفي مجمع الزوائد 7/ 25 قال: رواه عبد الله بن أحمد عن شيخه محمد بن يعقوب الربالي وهو مستور وبقية رجاله رجال الصحيح.

 

[112] ابن جرير في التفسير 9/ 111 من طريق أبي كريب ثنا يحيى بن عيسى عن الأعمش دون قوله فسماهم.. الخ.

 

وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/ 141.

 

[113]ابن جرير الطبري في التفسير 9/ 113 من طريق ابن بشار... عن منصور عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو به.

 

وذكر السيوطي أن ابن مندة أخرجه في كتاب الرد على الجهمية.. انظر الدر المنثور 3/ 142.

 

[114] حجاج بن محمد المصيصي الأعور، أبو محمد الترمذي الأصل، ثقة ثبت لكنه اختلط في آخر عمره لما قدم بغداد قبل موته ، من التاسعة، مات ببغداد سنة ست ومائتين. ع / تقريب 1/ 154.

 

[115] الزبير بن موسى بن مينا المكي، روى  عن سعيد بن جبير، وعنه ابن جريج، قال ابن نمير: روى عنه الكبار القدماء. وذكره ابن حبان في الثقات، تهذيب 3/ 320.

 

[116] ما بين القوسين من تفسير ابن جرير.

 

[117] في تفسير ابن جرير قال: ابن جريج عن مجاهد.

 

[118] ابن جرير الطبري. التفسير 9/ 114- 115.

 

[119] لحكم هو ابن عتبة الكندي مولاهم أبو محمد ويقال: أبو عبد الله، روى عن سعيد بن جبير وغيره، ثقة ثبت، ربما رمي بالتدليس، مات سنة ثلاث عشرة أو بعدها ، من الخامسة، /ع تهذيب 2/ 432-434. تقريب 1/ 192.

 

[120] في هذه الرواية متابعة الحكم للزبير بن موسى عن سعيد بن جبير.

 

[121] ابن جرير الطبري. التفسير 9/ 115.

 

[122] قاله ابن عباس. تفسير ابن جرير 9/ 115.

 

[123] الأعراف آية / 172.

 

[124] قول السدي : أخرجه ابن جرير في التفسير 9/ 117.

=

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الجرح والتعديل لابن ابي حاتم

الجرح والتعديل لابن ابي حاتم الجرح والتعديل تقدمة المعرفة لكتاب الجرح والتعديل  بسم الله الرحمن الرحيم   وبه نستعين رب يسر وأتمم...